كلمة السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الندوة الوطنية للجامعات يوم 29 جويلية 2017‎

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

السيدات والسادة مدراء مؤسسات التعليم العالي،

السيدات والسادة مدراء مراكز البحث العلمي،

السيدات والسادة ممثلو وسائل الإعلام،

السيدات والسادة الحضور.

يسعدني أن ألتقي بكم مجددا في إطار الندوة الوطنية للجامعات، التي خصصناها، هذه المرة، أساسا، لاستعراض التحضيرات الجارية للدخول الجامعي 2017-2018، على الأصعدة البيداغوجية والمادية والهيكلية والخدماتية.

إنّ هذه الدورة تأتي بعد إقرار مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيّّذ برنامج رئيس الجمهورية، والذي يتضمن جملة من التدابير والإجراءات المتعلقة بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، تهدف إلى تطوير أداء المنظومة الجامعية وتحسين كفاءتها الداخلية والخارجية، لتتمكن من تحقيق مهامها الأصيلة في التكوين والبحث وخدمة المجتمع، عبر تكوين الموارد البشرية عالية التأهيل وفائقة المهارة في مختلف التخصصات، بما يلبي احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، فضلا عن الانفتاح على المحيط الاقليمي والدولي والمساهمة الفاعلة في تطوير العلوم والمعارف وتطبيقاتها التكنولوجية.

وبهذا الخصوص، فقد أكّد مخطط عمل الحكومة ضرورة تعميق الإصلاحات التي شُرع فيها على مستوى القطاع، والتي ترمي إلى تعزيز بناء قدرات منظومة التعليم والتكوين العاليين، قصد ضمان التكفل الجيّد بالتعدادات الطلابية المتزايدة، والاستغلال الأمثل للشبكة الجامعية، وترقية بيداغوجيا النجاح من خلال رفع  مردود مؤسسات التعليم العالي، والتقليص من استفحال ظاهرة الإخفاق والرسوب والتسرّب، من خلال تحسين معدلات التأطير البيداغوجي والعلمي، كمّا ونوعا، وإعادة بناء مناهج التكوين ومساقات التعليم، وتطوير التقويم، ثقافة وممارسة، وتفعيل الميكانيزمات الضرورية لضمان الجودة، فضلا عن توسيع عروض التكوين ذات الطابع المهني، بالشراكة مع مختلف الفاعلين في المحيط الاقتصادي والاجتماعي.

إنّ هذه الدورة تلتئم أيضا بعد إعلان نتائج البكالوريا لدورة جوان 2017، التي بلغ عدد الناجحين فيها، كما تعلمون، 341.744 ناجحا، حيث يتعيّن على قطاع التعليم العالي أن يتكفّل بهم، بيداغوجيا وخدماتيا، طبقا للمبادئ الحاكمة للسياسة الوطنية للتعليم العالي، وفي ضوء ما تم وضعه من عدّة تنظيمية لاستقبالهم في أحسن الظروف.

في هذا السياق، فإن عملية التسجيلات الخاصة بحاملي البكالوريا الجدد، لهذه السنة، ستتميّز، استكمالا للمسعى الإصلاحي الذي باشرناه منذ سنتين، بإدخال تدابير نوعية جديدة تهدف إلى تصحيح الاختلالات التي تم تسجيلها في الماضي، كما تهدف إلى تحسين نمط التوجيه، وضبط عروض التكوين المتاحة، بما يُسهم في ترشيد الاختيارات، ورفع معدلات الرضا والاستجابة بصفة أوسع للرغبات المعبر عنها.

وهكذا، فقد اعتمد المنشور الوزاري ذو الصّلة كيفيات جديدة للتسجيل الأولي وتوجيه حاملي البكالوريا الجدد، وأقرّ من خلالها، تقليص عدد الرغبات من ست (06) إلى أربع (04)رغبات، على أن تتَضمُّن واحدة منها على الأقل اختيار ميدان من ميادين التكوين المعتمدة في نظام LMD. إنّ هذا الإجراء من شأنه أن يساعد حامل البكالوريا على التركيز على ميادين التكوين والفروع والتخصصات التي تسمح بها قدراته ونتائجه، من جهة، ويحقق من خلالها رغباته وتطلعاته، من جهة أخرى.

كما تضمّن المنشور الوزاري تحديد معدلات وطنية ثابتة للالتحاق بعدد من مجالات التكوين على غرار اللغة العربية وآدابها، والعلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، والحقوق، بغرض رفع الإشكالات التي كان يطرحها تفاوت معدلات الالتحاق من مؤسسة جامعية لأخرى، وتحقيق تكافؤ الفرص بين الطلبة وتكريس مبدأ الإنصاف في الالتحاق بهذه التخصصات على مستوى كل مؤسسات التعليم العالي، علما أن هذا الإجراء سيتوسع تدريجيا ليشمل، في المدى المنظور، كل الفروع والتخصصات الأخرى.

لقد عمل القطاع على إعادة ترتيب رزنامة عملية التسجيلات، بطريقة تسمح للطالب بأن يأخذ الوقت الكافي لاختيار التخصص الذي يرغب فيه، مع منحه إمكانية مراجعة اختياره قبل التسجيل النهائي، حيث خُصّصت المرحلة الأولى للتسجيل الأولي والتوجيه وإعادة التوجيه، والمرحلة الثانية لمعالجة حالات التغيير المسموح بها، في حين ستُخصص المرحلة الثالثة للتسجيل النهائي، إداريا وبيداغوجيا.

وتجدر الإشارة إلى الجهود النوعية المبذولة على صعيد رقمنة مختلف العمليات ذات الصلة بالتوجيه والتسجيل بواسطة نظام (progres)، الذي أثبت نجاعته عند اعتماده، في تسجيلات السنة الماضية، حيث ستتم العملية، هذه السنة، بصفة لا مركزية على مستوى كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي، خصوصا بعد أن استفاد المستخدمون المعنيون من دورات تكوينية  لتأهيلهم على التعامل مع النظام الرقمي الجديد بكفاءة ومهارة. وبهذا الخصوص لا يفوتني التأكيد على أنّ المؤسسات الجامعية مدعوة، من الآن فصاعدا، إلى تعميم استعمال تطبيقات هذا النظام الالكتروني في مجالات التسيير الجامعي الأخرى، على غرار متابعة المسار الدراسي للطالب، والمسار المهني للأستاذ الباحث، وآليات التسيير الإداري والمالي للمؤسسة، فضلا عن إدارة مشاريع البحث وأنشطته.

كما يجدر التنويه بالتقدم المحرز، هذه السنة، في مجال إيداع طلبات الإيواء ومعالجتها وتبليغ نتائجها، حيث ستجري، حصريا،  من خلال الأرضية الرقمية المعدّة لهذا الغرض، وهو الأمر الذي من شأنه أن يجنّب الطالب عناء التنقل إلى المدينة الجامعية التي وُجّه إليها للقيام بهذه العملية.

كما أودّ أن أؤكد في هذا المحور إلى أهمية الأبواب المفتوحة على مؤسسات التعليم العالي لفائدة حاملي البكالوريا الجدد وأوليائهم. وبهذا الخصوص أدعوكم إلى تأطير هذه العملية في مختلف جوانبها التنظيمية والتحسيسية والإعلامية، والحرص على تعبئة الموارد البشرية المؤهلة لمرافقة الطلبة الجدد، وتعريفهم بمختلف مجالات التكوين والفروع والتخصصات التي تضمنها مؤسسات التعليم العالي وآفاق التشغيل التي تتيحها، وكذا كيفيات استعمال البرمجيات الرقمية المُعدّة لهذا الغرض، فضلا عن إرشادهم ومرافقتهم لحسن ملء بطاقات الرغبات بما يتناسب مع ميولاتهم والمعدلات التي تحصلوا عليها.

السيدات والسادة،

أودّ أن أغتنم هذه السانحة لأشير إلى أن القطاع بادر، في إطار تعميق الإصلاحات، باتخاذ تدابير نوعية ترمي إلى تطوير خارطة التكوين العالي، وتكييفها مع متطلبات المحيط الاقتصادي والاجتماعي. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص باستكمال تطهير مدوّنة عروض التكوين في الطورين الأول والثاني، والشروع في تقليص نقاط التكوين في عدد من الفروع مثل العلوم السياسية بغرض إضفاء مزيد من الانسجام على هذا النمط من التكوين وتعزيز تشغيلية خريجيه. كما يتعلق الأمر بمراجعة البرامج في عدد من التخصصات على غرار العلوم الطبية والبيطرية، بغرض تكييفها مع متطلبات المهن والكفاءات المطلوبة، في ضوء التطورات العلمية الحاصلة على المستوى الدولي في مثل هذه التخصصات، علما أنّ إصلاح هيكلة  التكوين في الطب ومحتوى برامجه سيكون محل عرض افتتاحي في هذه الندوة.

ويستعد القطاع بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية، بالموازاة مع مراجعة شروط الالتحاق بالمدارس العليا للأساتذة تماشيا وهدف تحسين تكوين المكونين في أطوار التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، لإعادة بناء  المناهج الدراسية والبرامج التعليمية في هذه المدارس، التي ستشرع ثلاث منها في تنظيم تكوينات جديدة خاصة بالطور الثانوي في تخصصات الإعلام الآلي، وهندسة العمليات، والهندسة المدنية، والهندسة الكهربائية، والهندسة الميكانيكية.

وفي السياق ذاته سيتم، مع مطلع الدخول الجامعي القادم، دعم عروض التكوين ذات الطابع المهني، بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، من خلال فتح خمسة عشرة(15) عرض تكوين جديد في الإلكترونيك، وهندسة السيارات، والأجهزة الطبية، والطاقات المتجددة وغيرها. كما سيتم إثراء خارطة الفروع ذات التسجيل الوطني بتكوينات جديدة في فروع الإدارة الرقمية، والإدارة العمومية، والأمن الغذائي، والإعلام الآلي، والترجمة والترجمة الفورية في عدد من الجامعات.

وبخصوص نمط التكوين عن بعد في طور الماستر، الذي تم الشروع فيه في ثلاث تخصصات برسم السنة الجامعية المنصرمة موزعة على خمس نقاط تكوين، فإن القطاع سينطلق في إجراء تقييم شامل لهذه التجربة بغرض توفير كل الشروط التنظيمية والبيداغوجية التي تضمن تأطيرها بصفة أحسن، قبل توسيعها لاحقا لميادين ونقاط تكوين أخرى، علما أن نمط التعليم عن بعد، لاسيما على مستوى الطورين الأول والثاني، سيعرف دفعا قويا بعد استكمال مسعى إصلاح جامعة التكوين المتواصل الذي شُرع فيه لتحويلها إلى جامعة مفتوحة حقيقية.

السيدات والسادة،

يكتسي تحضير الدخول الجامعي على الصعيدين المادي والهيكلي أهمية بالغة ويستقطب جزء كبيرا من الجهود المبذولة سواء على مستوى الإدارة المركزية أو على مستوى المؤسسات الجامعية. وفي هذا الإطار، وتحسبا لاستقبال تدفقات طلابية يتوقع أن تفوق تعداداتها الإجمالية 1.650.000 طالب، سيستلم القطاع، خلال هذه السنة، ما يزيد عن 80.000 مقعد بيداغوجي جديد و49.000 سرير جديد، ما يرفع قدرات الشبكة الجامعية الوطنية إلى أكثر من 1.400.000مقعد مادي و700.000 سرير، وهي طاقة إجمالية تسمح، إذا ما تم ترشيد استعمالها، باستقبال التدفقات الطلابية المنتظرة خلال هذا الموسم الجامعي 2017-2018 في ظروف حسنة.

وبخصوص عمليات الإنجاز الجارية، فإنني أؤكد مجددا على ضرورة استمرار المتابعة الميدانية وتكثيف التنسيق مع القطاعات الأخرى المعنية بعملية الإنجاز، حرصا على استكمال ما تبقى من هياكل ليكون استلام كل المشاريع المبرمجة في موعدها المحدد.

ولمعالجة ظاهرة الاكتظاظ التي قد تعرفها فروع معيّنة في عدد محدود من المدن الجامعية، فإن القطاع سيلجأ إلى مراجعة المقاطعات الجغرافية للتسجيل في هذه الفروع، لتوجيه كل ما زاد عن طاقات هذه المدن إلى المدن الجامعية المجاورة التي تتوفر على فائض في الهياكل البيداغوجية والتأطير.

السيدات والسادة،

إنّ تكوين المكونين يشكل محورا رئيسا في استراتيجية القطاع الهادفة إلى رفع المستوى النوعي للتأطير كأداة لا غنى عنها لتحسين نوعية التكوين وترقية الأداء. ومن هذا المنظور سيتم تعزيز التكوين في الدكتوراه بفتح حوالي 5000 منصب تكوين في الدكتوراه في جميع التخصصات وعبر المؤسسات الجامعية.

وفي هذا الصدد أودّ أن أشير إلى اللقاء التكويني الهام لفائدة طلبة الدكتوراه الذي سيجمع حولي 300 طالب دكتوراه من مختلف المؤسسات الجامعية وفي تخصصات عديدة، والذي سيشرع فيه بدء من 01 أوت 2017 بجامعة بجاية، وسيؤطره أساتذة أكفاء من الجامعات الجزائرية ومن الكفاءات الجزائرية العاملة بالخارج بجامعات في دول مختلفة.

وفي مجال تعزيز التكوين الإقامي في فروع الطب والصيدلة وطب الأسنان سيتم فتح ما يزيد عن ثلاثة آلاف منصب (3000) تكوين تتوزّع على مختلف تخصصات الفروع المذكورة وفق الأولويات التي حددتها اللجان البيداغوجية الوطنية للعلوم الطبية.

أما في مجال تعزيز قدرات التأطير البيداغوجي، سيتم، على الرغم من القيود التي تعرفها ميزانية القطاع على إثر تقليص النفقات العمومية، تعبئة 2836 منصب مالي شاغر لفائدة التوظيف الخارجي لأساتذة مساعدين برسم السنة2017، حيث تتوزع هذه المناصب كما يلي: 1927 منصب للأساتذة المساعدين صنف ”ب” و909 للأساتذة المساعدين الجامعيين الاستشفائيين. وبذلك، ينتظر أن يبلغ إجمالي تعداد الأساتذة ستون ألف (60.000) أستاذ، 20% منهم من ذوي المصف العالي.

السيدات والسادة،

إنّ العلاقة بين الجامعة والمؤسسة تمثل محورا رئيسا من محاور إصلاح التعليم العالي بهدف تحقيق المواءمة بين مضامين  التكوين ومتطلبات سوق العمل، ومن ثمة الاستجابة بفعالية لاحتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وإنّه على الرغم من الجهود المبذولة على هذا الصعيد، إلا أنّ بعض أشكال التردد والفتور مازالت تطبع طرفي هذه العلاقة وتحول دون تحوّلها إلى علاقة أعمال لتبادل المنافع.

إنّ مؤسسة التعليم العالي يجب أن تعي أنها معنية بصفة كلية بالتنمية الاقتصادية في محيطها الإقليمي والوطني، ومن ثمة فإنه يتعيّن عليها أن تكيّف عروض التكوين التي تضمنها مع احتياجات هذا المحيط، وأن تسهر باستمرار على إدماج هذه المقاربة ضمن استراتيجية تنمية الجامعة وتطويرها، مع ما يتطلبه ذلك من اعداد النصوص التنظيمية وإقامة الهياكل البينية وضبط مدوّنة المهن المطلوبة وترقية وظيفة الاتصال والإعلام الجامعي. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إبرام اتفاقيات التعاون وإقامة شراكات دائمة مع المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية، اعتمادا على خارطة طريق تتضمن الاسهامات المنتظرة في مجال التكوين الأولي والتكوين المتواصل والتكوين التناوبي، كما تتضمن النشاطات ذات الصلة بأعمال البحث التطويري وتقديم الخدمات والاستشارة والخبرة وإنشاء المؤسسات وتثمين نتائج البحث والتحويل التكنولوجي.

في سياق تعميم الإصلاحات أيضا يبرز بناء نظام لضمان الجودة في التّعليم العالي، بوصفه أحد المقاصد الكبرى لهذه الإصلاحات التي ترمي إلى تعزيز ثقافة التقويم وتعميم ممارسته في المنظومة الجامعية والارتقاء بأدائها، تكوينا وبحثا وحوكمة، إلى مستوى المرجعيات القياسية الدولية. وفي هذا الإطار، فقد شرع القطاع، بعد اعتماد  النظام المرجعي الوطني لضمان الجودة واستكمال الأدلة الاسترشادية للتقويم الداخلي والخارجي، في عملية شاملة للتقييم الذاتي على مستوى مختلف مؤسسات التعليم العالي التي نأمل أن تنهي تقاريرها ذات الصلة في آجال قريبة، حتى تتمكن الهيئات المخولة من إعداد الحصائل النهائية بغية تعميق هذه الممارسة باعتبارها شرطا لا غنى عنه في تطوير المؤسسة الجامعية وتحسين أدائها وترشيد حوكمتها.

إنّ نتائج عمليّة التّقييم الذّاتي الّتي أعددتموها بالاستعانة بالنظام المرجعي الوطني لضمان الجودة سيساعدكم في الانطلاق في وضع نموذج “مشروع المؤسّسة”، الّذي أرسل إليكم، موضع التنفيذ  مع مطلع السنة الجامعية القادمة، علما أن هذا المسعى سيتعزز بعد استكمال مراجعة القانون الأساسي لكل من الجامعة والمركز الجامعي.

إن العناية بظروف حياة الطالب باعتباره محور العملية التعليمية وتحسين نوعية الخدمات المقدّمة له من إيواء وإطعام ونقل ونشاطات علمية وثقافية وترفيهية ورياضية وتغطية صحية، تعد هدفا يسعى القطاع لتحقيقه من خلال العمل باستمرار على ترقية نظام الخدمات الجامعية ورفع أدائه وترشيد تسييره. وفي هذا الإطار، فقد تم الشروع في مراجعة التنظيم الحالي للديوان الوطني للخدمات الجامعية بهدف تزويد مديريات الخدمات الجامعية بإطار قانوني جديد يضفي عليها صفة المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري ويزودها بالشخصية المعنوية ويمنحها الاستقلال المالي، حتى تتمكّن من اتخاذ المبادرات والقرارات والتحكم في مجمل أفعال التسيير وتحمّل مسؤولية النتائج المترتبة عن ذلك. كما يعمل القطاع على بعث استشارة واسعة لتحضير كل الشروط الكفيلة بإنجاح الندوة الوطنية لإصلاح الخدمات الجامعية المزمع تنظيمها قبل نهاية السنة الحالية، بمشاركة مكوّنات الأسرة الجامعية وممثلي القطاعات الوزارية المعنية، وذلك بهدف بلورة رؤية إصلاحية متكاملة تعيد النظر في نمط نظام الخدمات الجامعية وميكانيزماته بما يكفل تطوير الأداءات والخدمات وعقلنة الإنفاق ورشادة التسيير، اعتمادا على التوفيق، ما أمكن ذلك، بين مبدأي الإنصاف والفعالية.

السيدات والسادة،

إنّنا نطمح إلى الانتقال إلى طور جديد في مجال البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، ميزته التحول من الكم الى النوع والامتياز، ولذلك، فقد شرعنا، كما تعلمون، في عملية تقييم المخابر والمراكز البحثية، للتعرف على البرامج والمشاريع ذات القيمة المضافة الأكيدة على الاقتصاد الوطني، وتلك الموجهة لتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، من أجل مراجعة أنماط التمويل، وإرساء أسلوب التمويل حسب الأهداف، وتخصيص الاعتمادات بصفة أولوية للبرامج والمشاريع البحثية المجدية.

لقد شكل الصالون الوطني لمنتجات البحث، الذي نُظم في شهر ماي بمشاركة أكثر من 400 عارض من عالم البحث والتطوير، فرصة للاطلاع على ما تم انجازه على مستوى منصاتنا التكنولوجية، حيث تمّ عرض عدّة نماذج مشرفة تستحق التشجيع والمرافقة، كتصنيع الشرائح الإلكترونية، ونماذج للأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار، فضلا عن عديد النماذج والتطبيقات الرائدة في مجالات الطاقات المتجددة، والصحة، والفلاحة، وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، والعلوم الإنسانية.

لا أودّ أن أنهي كلمتي هذه دون التأكيد مجددا على أهمية ترشيد النفقات العمومية وتفادي كل أشكال الهدر والتبذير. وفي هذا السياق، فإن لوحة القيادة التي أعدها القطاع للتعرّف على نسب استهلاك الميزانيات المخصصة للمؤسسات الجامعية تبرز ضخامة الأرصدة المتبقية في عدد من أبواب الإنفاق عند نهاية كل سنة مالية، ببعض المؤسسات الجامعية. وعليه، فإنكم مدعوون إلى إيلاء عناية خاصة لهذه الظاهرة والتكفل بمعالجتها، والحرص، في كل الأحوال والظروف، على ترشيد استخدام الأموال العمومية من خلال توخي الدّقة في تحديد الاحتياجات السنوية، وتفادي الارتجال في ضبط تقديرات الميزانية، والسهر على انجاز الأهداف والبرامج المسطّرة باستعمال الاعتمادات المخصصة دون افراط ولا تفريط.

تلكم بعض النقاط التي وددت أن أتطرق إليها في سياق تحضير الدخول الجامعي القادم واستعدادات القطاع للانتقال إلى طور جديد لإرساء حوكمة جامعية راشدة تتسم بمزيد من الفعالية والوجاهة في ظل الاستعمال الأمثل للإمكانات والموارد المتاحة بما يتلاءم و القيود المالية التي تعرفها البلاد.

أشكركم على كرم الإصغاء والسلام عليكم

 

WordPress Lightbox Plugin
Verified by MonsterInsights