Back

فعاليات الملتقى الوطني الأول تحت عنوان : “الترجمة الأدبية: انفتاح على الآخر وزحزحة للصور النمطية”

احتضنت اليوم كلية الآداب واللغات بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة فعاليات الملتقى الوطني الأول تحت عنوان :
“الترجمة الأدبية: انفتاح على الآخر وزحزحة للصور النمطية”، الذي نظمه قسم الترجمة برعاية مخبر الدراسات اللغوية النظرية والتطبيقية، بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين من مختلف الجامعات الجزائرية، حضورياً وعبر تقنية التحاضر عن بُعد
استُهل الملتقى بكلمة رئيسه الدكتور منير خضار ، الذي رحّب بالمشاركين والحضور، مبرزاً أهمية هذا اللقاء العلمي باعتباره فضاءً للحوار الأكاديمي حول الترجمة الأدبية ودورها في بناء جسور التواصل بين الثقافات، وتفكيك الصور النمطية المرتبطة بتمثيل الذات والآخر. كما أكّد على أنّ تنظيم هذا الملتقى يُعدّ خطوة نوعية في مسار ترقية البحث في مجال دراسات الترجمة داخل الجامعة الجزائرية.
تلت ذلك كلمة عميد كلية الآداب واللغات، البروفيسور لخضر هني ، الذي أشاد بجهود قسم الترجمة في تنظيم هذا الحدث العلمي المتميّز، مبرزاً دعم الكلية المتواصل لكل المبادرات البحثية التي تُسهم في تطوير الدراسات اللغوية والترجمية، ومؤكداً على أنّ الترجمة تُعدّ رافداً أساسياً للحوار الحضاري والانفتاح على العالم.
وأعقب ذلك كلمة نائب رئيس الجامعة المكلّف بالتخطيط والاستشراف، البروفيسور أمين عايد ، الذي عبّر عن اعتزازه باحتضان جامعة المسيلة لهذا الملتقى الوطني الأول من نوعه، مشيداً بحسن التنظيم وبمستوى المشاركات العلمية، ومؤكداً دعم رئاسة الجامعة لمثل هذه التظاهرات الأكاديمية التي تعكس حيوية البحث العلمي وديناميكيته. وفي ختام كلمته، أعلن الانطلاق الرسمي لأشغال الملتقى الوطني.
وقد شكّل هذا اليوم العلمي فسحة فكرية ثمينة ومجالاً رحباً لتبادل الرؤى والتجارب، حيث تم التطرق إلى قضايا الترجمة من زوايا متعددة، أكاديمية وثقافية، نقدية وإيديولوجية، عكست مستوى الوعي المتزايد بأهمية الترجمة كأداة لإعادة تشكيل الصورة الثقافية للذات والآخر، وليس مجرّد وسيلة لنقل المعنى أو العبارات.
استمع الجمهور الحاضر من أساتذة ومسؤولين وطلبة فاعلين إلى مداخلات علمية معمّقة ومناقشات ثرية، أبانت عن وعي نقدي متقدم لدى الباحثين المشاركين، كما أثمرت هذه اللقاءات عن مجموعة من النتائج والتوصيات الهامة التي نلخّص أبرزها فيما يلي: التوصيات الرئيسة للملتقى:
1-تعزيز البحث الأكاديمي في حقل الترجمة، بما يواكب التحولات المتسارعة في الفكر، اللغة، والاتصال، مع التركيز على البُعد المتعدد التخصصات للترجمة.
2-التأكيد على الطابع الثقافي للترجمة، وربطها بسياقاتها الاجتماعية والتاريخية والسياسية، من أجل تجنب الوقوع في فخ الاختزال أو التسطيح.
3-النظر إلى الترجمة كجسر للحوار الحضاري، وأداة للتقارب بين الشعوب، تعزز من التعددية وتكسر الصور النمطية السائدة عن الثقافات.
4-الدعوة إلى ترسيخ الوعي النقدي لدى المترجمين والناشرين، بما يمكنهم من كشف الأبعاد الإيديولوجية الكامنة وراء اختيار النصوص، وتفادي الوقوع في إعادة إنتاج الهيمنة أو التبعية الثقافية.
5- تشجيع ترجمة النصوص التي تعكس تنوع المجتمعات العربية، وتقديم رؤى بديلة أكثر صدقًا وتحررًا من استلاب النظرة الخارجية، دون الارتهان لتوقعات المتلقي الغربي
6-رفض اختزال الترجمة في بعدها التجاري أو الاستهلاكي، والعمل على إعادتها إلى مكانتها الأصيلة كفعل معرفي وثقافي، يؤسس لعلاقات تواصلية متكافئة بين الثقافات
7-الدعوة إلى دعم مؤسساتي فعّال من قبل الجامعات والمؤسسات الثقافية، لمشاريع الترجمة التي تعبّر عن رؤية داخلية عربية للعالم، وتقطع مع التوجيهات المفروضة من الخارج
8-الإقرار بأن الترجمة ليست عملاً محايداً، بل هي فعل ثقافي مشبع بالمواقف والتصورات، ما يستوجب مساءلة دائمة للأفكار التي تُنقل، وللهويات التي تُشكّل من خلالها.
وبذلك اختُتمت فعاليات هذا الملتقى في أجواء أكاديمية متميزة اتسمت بروح الحوار والانفتاح، وأكدت على الدور الحيوي الذي تضطلع به الترجمة في بناء الجسور بين الثقافات، وترسيخ قيم التواصل والاحترام المتبادل.