الأمن الفكري و الثقافي ودعائم الوحدة الوطنية في زمن العولمة
تولي الكثير بل أغلب الدول والمجتمعات أهمية كبيرة للثقافة في تكوين وبناء المجتمع ومسارات الحياة الاجتماعية، واصباغ انتماء الأفراد والجماعات، وبالتالي صناعة وتكوين هوية تبرز المحددات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لذلك المجتمع والهوية تشكل بالمفهوم الفيزيائي النواة الصلبة للشخصية الفردية والمجتمعية. والبوصلة الموجهة والضابطة للاتجاهات والمسارات والأهداف للفرد والمجتمع، كما تعمل الثقافة على صيانة المكونات في ظل عمليات الانفتاح والإبداع.
ومن معاني الأمن الثقافي هو صيانة الثوابت والمقومات الوطنية في بعدها الثقافي والفكري من تحدي الثقافات الوافدة في إطار ما يسمى بالعولمة الثقافية، وما توظفه من آليات ووسائل ووسائط تكنولوجية وما لها من قدرة التأثير على الثقافة الوطنية الجزائرية إلى حد الخشية والخوف من التلاشي والذوبان في ثقافة الآخر.
وإذا نظرنا إلى الأمن الفكري والثقافي الوطني في ظل العولمة فانه إضافة إلى التحدي الخارجي الذي تفرضه العولمة، قد تتعرض الثقافة الوطنية لبعض عمليات التشويش والتشويه الفكري من خلال المشاريع الفكرية الدخيلة والمتناقضة مع مقوماتنا الوطنية، أو من خلال بعض المشاريع الدولية المغرضة الرامية إلى نشر ثقافاتها أو إحداث التمزقات الاجتماعية أو التشويش على مرجعيتنا الأصيلة خصوصا المرجعية الدينية عموما والفقهية بالخصوص
لقد أصبح الأمن الفكري والثقافي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أهم فرع من فروع النشاط في العالم إذا ما أخذنا مجموع النفقات المخصصة له معيارا، وفي بعض الدول المتطورة تحتل التربية أحيانا المرتبة الأولى من حيث الميزانية المخصصة لها . وذلك لضمان تهيئة الفرد وإدماجه في المجتمع ثقافيا واجتماعيا وتناط بالامن الثقافي و الفكري مهام تزداد كل يوم اتساعاً وتعقيداً، بحيث أن مجرد المقارنة مع مهامها في الماضي لا تصح لأن العالم يشهد تطورات هائلة تجعل التربية بحاجة إلى تطوير مناهجها بين الحين والحين ، وتؤلف التربية عنصر أساسياً في كل مشروع.
| فهرسة الكتاب | ... |
| واجهة الغلاف | .... |
